عرض ونقد

كيف نفرق بين قول الفقهاء: “لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان” وبين مسلك من يقول: “بتاريخية النص”

  • السؤال:

كيف نفرق بين قول الفقهاء:لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمانوبين مسلك من يقول:بتاريخية النص؟


  • الجواب:

“لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان” هذه قاعدة فقهية أصلها كثير من الفقهاء ، خاصة الحنفية رحمهم الله، وهي في الجملة متفق عليها، ودقق بعض أهل العلم في لفظها ، فقال: “لا ينكر تغير الفتوى بتغير الزمان”.

واللبس الذي يقع هنا عند البعض في فهم القاعدة، يقع بسبب أحد أمرين أو كليهما :

  • الأول: الظن بأن التغير المذكور يشمل مطلق الأحكام الشرعية.
  • الثاني: الظن بأن مورد هذا التغير والعامل المؤثر فيه ومناطه هو تغير الزمان نفسه، فيلتبس ببدعة تاريخية النص.

والقاعدة بعد دفع هذين الإشكالين صحيحة لا عوج فيها.

  •  فأما دفع الإشكال الأول :

فإن الأحكام التي يمكن وقوع التغير فيها هي الأحكام الشرعية الاجتهادية المنوطة بالعرف المتغيّر، أو المنوطة بعلل مؤقتة غير دائمة، لا مطلق الأحكام الشرعية، فإذا تغير العرف الذي بني الحكم الاجتهادي عليه، جاز تغير الحكم بما يناسب العرف المتغير.. على شرط ألا يخالف نصا.
وإذا كان الحكم منوطا بعلة وقتية زال موجبها، جاز كذلك تغير الحكم الاجتهادي الذي نيط بها ، وألحق بالعلة المناسبة.
وهذا التغير في الحقيقة قد تحفظ بعض العلماء من تسميته تغيرا في الحكم؛ خشية أن يظن أنه من تبديل الشريعة، وقالوا : إن الحكم الشرعي في الحقيقة لم يتغير، وإنما المتغير هو الصور والأوصاف، فالله شرع ذلك الحكم مرتبطا بصورة معينة وصفة معينة وحال معينة، ولم يشرعه مطلقا، فإذا تغيرت الصورة والصفة، كان لله فيها حكم آخر يناسبها، وليس ذلك من قبيل تغير الحكم على الحقيقة، وإنما هو تغير للصور والأوصاف والعلل، ولله في كل صورة من تلك الصور حكم معين مختلف، فلا تغير.. وهو خلاف لفظي على كل حال.

  •  وأما دفع الإشكال الثاني :

فهو ببيان أن عامل الزمان ليس مؤثرا بذاته في تغيير الأحكام، بل العامل المؤثر هو تغير العرف أو العلة المنوط بها، ولكن لكون هذه التغيرات العرفية لا تتأتى غالبا إلا مع تغير الزمان ، نسب التغير إليه ، وإلا فهو وصف تبعي إضافي لا مدخل له في تغير الحكم، وإنما المدخل هو في متعلقات الحكم من العلل والأوصاف والمناطات ؛ لأن الأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما، كما تقدم بيانه.

والله الموفق.

 مقالات متعلقة بالسؤال عن فهم النص الشرعي:

 لماذا لا تُعاد قراءة وفهم النصوص والأحكام الشرعيّة وفقا لمعارفنا المستحدثة المتقدمة عن معارف السلف ؟

الكاتب: الفريق العلمي لقسم الأحكام الشرعيّة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى