كثيرًا ما نسمع أعداء الإسلام يكررون أن الإسلام ظلم المرأة بالميراث والرد على هذه الشبهة من وجوه :
الوجه الأول:
أن الميراث له حالات متعددة، منها ما تُعطى فيه المرأة أكثر من نصيب الرجل، ومنها ما تعطى فيه مساوية للرجل، ومنها ما ترث فيه الأنثى ولا يرث الرجل، ومنها ما يكون نصيبها فيه أقل من نصيب الرجل.
فلو ماتت امرأة وتركت زوجاً وبنتاً فإن البنت هنا ترث أكثر من الزوج، ولو مات ابن وخلَّف أبوين وأولاداً فإن نصيب الأب والأم يكون متساويا لقول الله سبحانه وتعالى{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء:11], مع العلم أن قول الله:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:11] هو في نفس الآية، غير أنهم يجهلون ذلك أو يتجاهلونه.
كما أن من الحالات التي يتساوى فيها الذكر بالأنثى ما جاء في قول الله تعالى: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} [النساء:12] وهذا في حال الإخوة لأم.
الوجه الثاني:
أن الذكر وإن أعطي في بعض الحالات مثل حظ الأنثيين إلا أنه مأمورٌ شرعاً بأن يبذل للأنثى مهراً عند زواجه بها، ومأمورٌ كذلك أن ينفق عليها طول حياته حين تكون زوجة له ولو كانت غنيّة، أفيُستكثَر عليه بعد ذلك أن يكون له نصيبٌ من الميراث على الضِّعف من نصيبها؟
الوجه الثالث:
أن منشأ هذا الاستنكار هو مخالفة ما قرروه واستحسنوه من التساوي المطلق بين الذكر والأنثى في كل شيء، وهذا التساوي يخالف طبيعة تركيب كُلٍّ منهما، وبالتالي فهو مخالف للعدل.
بينما تجد الإسلام يجعل التساوي في التشريعات هو الأصل ما لم يكن مخالفاً لطبيعة المرأة أو لما يصلح لها، فنجده يمنحها حق التزين بالذهب لاحتياجها الأنثوي للتزين والتجمل بالحلي، بينما يمنع ذلك على الرجل، كما نجد في القران والسنة تشديداً ووعيداً في ترك الجهاد في سبيل الله -إذا وجب- ولكن هذا في حق الرجال لا النساء، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: ” استأذنت النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فقال: جهادُكنّ الحج “(1)، قال ابن بطال رحمه الله تعالى: ” دل حديث عائشة على أن الجهاد غير واجب على النساء، ولكن ليس في قوله “جهادكن الحج” أنه ليس لهن أن يتطوعن بالجهاد، وإنما لم يكن عليهن واجبًا ” (2) انتهى.
وأمَّا أولئك المنادون بالمساواة المطلقة للمرأة مع الرجل، فإنك إن نظرت إلى واقعهم لا تجد أنه مصدق لدعواهم في كل الجوانب، فعلى كرسي رئاسة الدولة -مثلاً- لا تقارَن نسبة النساء بالرجال بل لا تكاد تذكر.
فهل هذا لأنهم علموا أن جنس الرجل أقدر على هذا العمل من المرأة؟
أم لأن المبادئ تنهار أمام شهوة الحكم؟
أم لأن أساس دعوى المساواة عندهم زائفة؟
الكاتب: أ. أحمد السيد