بسم الله الرحمن الرحيم
استبان لي من خلال النقاش مع منكري السنة النبوية الذين يقولون إننا لا نأخذ إلا بالقران ولا نحتاج إلى أي شيء آخر لإقامة الدين أنهم على قسمين:
- قسم لم يتبين لهم حقيقة قولهم،ولا لوازمه الفاسدة، ونستطيع أن نضم إلى هؤلاء من لم يستقر لهم رأي محدّد تجاه السنّة.
وعلامة هذا القسم أنهم لا يجحدون كثيرا من الأصول الإسلامية المأخوذة من السنة مما أجمع عليه الفقهاء والعلماء أو على الأقل لم يظهر جحود ذلك على سلوكهم، ولا يرددونه كثيراً في كتاباتهم.
فهم لا يتركون أداء الصلوات الخمس ولا الزكاة بمقدارها المحدد عن طريق السنة، ولا يتجاوزون المواقيت إلا بإحرام، ونحو ذلك من الأحكام المأخوذة من السنة.
وهؤلاء -فيما يبدو لي- هم الأكثر ممن يملؤون شبكات التواصل ويرددون الشبهات دون معرفة بحقيقة قولهم، ويتمحور كلامهم وتغريداتهم ومشاركاتهم على استشكال أحاديث معينة كحديث الذباب والدجال والرجم ونحوها، أو استشكال قضايا معينة في السنة كتدوينها وكتابتها ومنهج المحدثين.
- هم الذين استبانت لهم حقيقة قولهم، وأدركوا لوازمه التي لا تنفك عنه، كالاستغناء عن كيفية محددة مُلزِمة لأداء الصلاة سواء ما يتعلق بعدد الركعات أم بأصل عدد الصلوات المطلوبة يوميا.
لأن تحديد ذلك يستدعي الاحتياج إلى شيء زائد عن القران وهذا ما يفرّون منه استدلالا بقول الله (ما فرطنا في الكتاب من شيء).
وبعضهم يجد المخرج من ذلك بقوله: أَخْذُنا بذلك إنما هو لكونها (سنة عملية أو متواترة) وهذا هروب واضح من قاعدة استدلالهم الأساسية (تبيانا لكل شيء) وَ (ما فرطنا في الكتاب من شيء).
فهؤلاء بعد أن يُصدموا بحقيقة قولهم، ويستبين لهم قدر المخالفة الذي ينبغي أن يقوموا به في كثير من أبواب الشريعة ليتسقوا مع مذهبهم لا بد أن يمروا بمرحلة صراع نفسي ينتهي بأحد أمرين -إن لم يُهدَوا ويتركوا انحرافهم- :
- أ) إما أن يلتزموا بلوازم القول، فلا يصلون خمس صلوات وجوبا في اليوم والليلة، ولا يلتزمون بعدد محدد من الركعات، وقد يبتدع بعضهم كيفية جديدة لأداء الصلاة، وهذا ما وصل إليه طائفة منهم من شباب بلادنا -للأسف-
- ب) وإما أن يعود شكهم إلى أصل القران من جهة ظنهم عدم استيفائه لأصول الأحكام ، ثم يدخلون في دوامة الشبهات حول القران حتى ينتهي بهم الحال إلى الإلحاد. وهذا الصنف أيضاً موجود ووقفت على بعض من تدرج به الأمر بهذه الطريقة إلى الإلحاد.
- ج) وأمّا أنْ يأخذوا بالقران ويدّعوا أنهم لا يحتاجون إلى شيء سواه ثم يستثنوا عدد الصلوات أو عدد ركعاتها فهذا تناقض يشعر به الذكيّ منهم، حتى لو قالوا: إنما نستثني المتواتر العملي، فما الفرق بينه وبين القولي الذي يردّونه في عدد من الأحاديث؟!
وبهذا التفصيل نستطيع أن نقول: إن إنكار السنة النبوية قد يؤدي إلى الإلحاد..