عرض ونقد

بين ذهابٍ وإياب

تختلط الحياة بالكثير من المواقف، والعديد من التحديات..
تمر بنا الكثير من الأشياء التي تشغل بالنا، وتقض مضاجعنا…

لكل منا همّ، ولكل منا مشاغل واعتبارات حياتية تشغل باله وتؤرق نومه، وتسرق ساعات حياته.
ولكني تعجبت من ذلك الرجل الذي كلما كان لشخص هم أو شغل قال له: دع عنك شغلك وأنا أؤديه عنك!
فظل كذلك حتى لم يحقق نفعًا لنفسه ولا لأحد آخر، فأنّى له الإحاطة بطلبات الجميع، ومن أين له مساعدة الكل؟!
والعاقل قوي البصر والبصيرة ينظر إلى هذا الرجل على أنه أحمق، فلا هو اشتغل بما ينفعه، ولا قدر على نفع غيره.
ولعلي أشبّه حال ذلك الرجل بحال تلك المرأة التي قضت عمرها بين المشاغل والخروج لدوامة العمل، من أجل اكتساب المال الذي تدفعه لتلك الخادمة التي تقوم برعاية أبنائها.
فلا هي قضت وقتها مع أبنائها واستمتعت بأمومتها، ولا هي استمتعت بالمال الذي تكسبه حلالًا من الطيبات.
فقضت عمرها بين الأسواق والحفلات، والعمل لأشياء لا تنفع أمتها، ولا تزيدها إلا توترًا بسبب مشاكل العمل المتزايدة وضغوطاته، وبعدها عن الأمان والدّور الحقيقي الذي يجب أن تقوم به.
بل قد تبعدها عن ربها بسبب ذلك المال الذي تكسبه؛ فتلبس ما تشاء، وتذهب حيث شاءت إلى أي مكان دون مراعاة لضوابط عملها من اختلاط وغيره أو ضوابط اللبس الشرعي، أو حقوق الزوج، أو مسؤوليتها تجاه أبنائها..

فلماذا كل هذا يا فتاة الإسلام؟! هل هو من أجل حضارة زائفة وحرية مفتعلة؟!

ولمجرد سماع هذه الكلمة (strong independent woman)؟! والغريب أن من تسمعها تشعر بلحظات نشوة العابرة، ولكنها تظل في داخلها تعاني من الصراع الداخلي الذي تحس به تجاه نفسها، وعدم تحقيق ذاتها التي تبحث عنها، فهي دائمًا تحس بشيء ناقص في حياتها وعدم رضا عن حالها، ولو أنها تُظهر عكس ذلك لمن حولها، ولكنها تعلم علم اليقين أضرار العمل -النفسية والجسدية- عليها، بل الأثر النفسي السيء الذي تحس به تجاه هروبها من مسؤوليتها وأطفالها.

فإلى متى يا فتاة الإسلام تحاربين نفسك وفطرتك؟! متى تستجيبين لنداء الفطرة بداخلك وتصبحين منسجمة مع نفسك وخلقتك وما هو مطلوب منك؟

ولا يفهم من هذا الحديث تركنا العمل والتطوير، ولكن بثثت بين السطور تلك اللوعة التي أحسها تجاه من أجدها موفَراً لها كل سبل الراحة وهي تهرب من بيتها وأبنائها وتحارب زوجها بل قد تتطلق منه لتعمل نادلة في مطعم أو سكرتيرة في شركة.
فلماذا كل هذا؟!
ولمصلحة من كل هذا ؟!!

الكاتب: د.لينة محمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى