تعزيز اليقين

دلالة دُعَاء نبي الإسلام محمد ﷺ على صدقه

دعاء نبي الإسلام .. ودخيلة القلب :
إن دعاءه ﷺ ليس دعاء دجال مفتر، ولا كذاب أشر، وإنما فيض من العلم الإلهي، ومرآة صدق، وبرهان نبوة، فإنه ليس من کلام الأدعياء، ولا مسلك المفترين، ولا هو أثر عن نباهة شخصية وفصاحة لسان.

وإني أدعوك – بصدق وحماسة – أن تراقب هذا الرجل الذي عاش في القرن السابع الميلادي، ونشأ بين قوم يعبدون الأصنام، وينوطون أمرهم بالأوهام والخرافات، ويسرفون في حب الذات والتعلق بالأمجاد، کیف انخلع عن جاهلية البيئة، وأفرغ نفسه من عوارض البشرية الحائدة عن طريق المعراج إلى الواحد الأحد، ذاكرا ربه بأعذب لسان، فكان ذکره نجوى، وتفگر، وعبادة، حتى إن موقع عبارات اللاهوتيين والفلاسفة في الحديث عن العبد وموقعه من ربه، والرب وسلطانه في خلقه، من كلمات دعائه، أشبه بعود جاف ذابل في حديقة غناء ندية تضوع عطا، أو هذرمة عجلة أمام قصيدة مسبوكة على السجية.
فهو إذا استيقظ يقول: «أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . رب إني أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده وأعود بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده. رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر ، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر».(1)

وهو وا إذا فرغ من الطعام يقول: «الحمد لله الذي كفانا، وأروانا غير مكفي ولا مكفور.. الحمد لله ربنا غير مكفي، ولا مودع، ولا مستغیً ربنا »(2).

وإذا سجد يقول: «اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين». ثم يكون آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت»(3).

وإذا صلى بالليل يقول: «اللهم ربنا لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت مالك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق ، ولقاؤك حق ، وقولك الحق ، والجنة حق ، والنار حق,والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت ، وإليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت ، وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت»(3)وإذا سجد قال: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، و بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك»(4).

وإذا قام من مجلس مع أصحابه يقول: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكثر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا»(5)

وإذا أجمل في الطلب يقول: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر ».(5)

حال الدعاء الدائم، والذكر الحي، والبراءة من الحول والطول، وإفراد الرب بالعظمة والمجد، في الليل والنهار، وعند الناس وفي الخلوة بالنفس، وعند الخوف والأمن، وعند الألم والفرح.. كل ذلك نشاز في حياة رجل يتخذ الدين مغنما ، والمجد لنفسه قبلة .. فهل يلتقي النقيضان؟!

هذا المقال تم نقله من كتاب براهين النبوة


(1) رواه مسلم، کتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل

(2) رواه البخاري، كتاب الأطعمة، باب ما يقول إذا فرغ من طعامه

(3) رواه البخاري، کتاب الدعوات، باب قول النبي : اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت

(4) رواه مسلم,كتاب الصلاة,باب ما يقال في الركوع والسجود

(5) رواه مسلم,كتاب الذكر والدعاء والتوبة والإٍستغفار,باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى