بسم الله الرحمن الرحيم
أفي السنة شك؟!
أولًا/
إن أكذب أصحاب المذاهب في تسمية أنفسهم هم (القرآنيون) وإن لم يتعمد كل واحد منهم أن يكون كاذبا، ولكن هذه هي الحقيقة.
ووجه الكذب في ذلك أنهم أبعد الناس عن الأخذ بالقران، وأكثرهم مخالفة له، وتحريفا لمعانيه..
فهم حين يقرؤون الآيات الكثيرة اﻵمرة بطاعة الرسول يتخلصون منها بتحريف معناها، أو التحكم في صلاحية وقت الاحتجاج بها دون دليل على هذا التحكم!
فقد يقولون إن المراد بالرسول: الرسالة (القران) ويخرجون كل عمل أو قول قام به أو أمر أو نهی عنه النبي ﷺ مما سوی القران.. وليس عندهم علی ذلك دليل صحيح!
وقد يقولون إن هذه اﻵيات خاصة بالصحابة!
فإن سألتهم عن دليل على تحكمهم بصلاحية الاحتجاج بعموم اﻵيات القرآنية في ذلك وقفوا أو اضطربوا!
ولو قلت لهم: ما حكم اتباع ما نقله الثقات متصلا وسلم من العلة عن الرسول ﷺ؟
لقالوا: ضلالة، وعبادة للموروث، وبعضهم يصرح أن ذلك من الشرك!
أي أن اتباع السنة صحيحة شرك!
ونحن نقول لهم هنا:
ولماذا تأتي ظواهر القران داعية إلى الشرك والضلال؟
هل نزل القرآن ليلبس على الناس دينهم؟
فإن قالوا: ظواهر القران ليست كذلك، وإنما أنتم من حرفها وزور معانيها!
قلنا لهم: وهل جميع الأمة محرفة مزورة لا تفهم!
فإن الأمة لم تزل تبني دينها منذ ١٤ قرنا على أحكام السنة مع القران، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر وسأذكر شيئا منها بإذن الله في الجزء الثاني من هذا الموضوع؛ فهذه الأمة قد ضلت باتباع ظواهر القران إذن!!
فإن قالوا: ألم يقل الله {ما فرطنا في الكتاب من شئ} قلنا لهم: بلى،
وأنتم من تتهمون القران بالتفريط لا نحن!
وبيان ذلك كما يلي:
كثير منكم يرى أن الصوات الواجبة على المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة، وحين نطلب منكم الدليل على ذلك من القران، فإنكم تقعون في موقف حرج جدا؛ ﻷنكم تعتقدون أن عدم التفريط يقتضي أن يذكر فيه كل حكم واجب نصا، فيقتضي ذلك أن يتم النص في القرآن على الواجب في أهم أحكام الإسلام: الصلاة.
وهذا غلط.
وأما نحن فنؤمن ونعتقد أن القرآن أمر في آيات كثيرة باتباع الرسول وطاعته وترك مخالفته والتأسي به.
ومما أمر به الرسول خارج القران خمس صلوات في اليوم والليلة (وهو من عند الله).
وهذا من كمال القران وبيانه وعدم التفريط الذي ذكره الله لأنه أرشد إلی اتباع الرسول في نصوص كثيرة.
وبالتالي فأنتم يا من تنكرون وجوب طاعة الرسول إلا بما بلغه في القران بين خيارات أحلاها مر، بل علقم!
فإما أن تقولوا نلتزم بمبدئنا ولا نقول بوجوب خمس صلوات! وهذا كاف في فضحكم وفسادكم أمام المسلمين كلهم.
وإما أن تشكوا في القران؛ ﻷنكم فهمتم من عدم التفريط وجوب النص على كل شيء.
وإما أن تتناقضوا فتقروا بوجوب خمس صلوات ولكن تقولون: ﻷجل ورودها بالتواتر،
وهذا الخيار الثالث تدليس، ﻷن الصلوات الخمس وإن كانت متواترة تواترا عمليا إلا أن السؤال يبقى قائما عليكم:
هل عدم ذكرها في القران يتوافق مع فهمكم لقول الله {ما فرطنا في الكتاب من شيء} ؟
أفي السنة شك؟ !
ثانيًا/
لمعرفة مقدار الشذوذ والانحراف الذي يلزم القائلين بعدم الأخذ بأي حكم لم يذكر نصا في القران فإن لك أن تستعرض العبادات التي يقوم بها المسلمون في اليوم، والأسبوع، والشهر، والعام، لترى قدر هذا الانحراف.
وبأي شيء أبدأ من الأمثلة ﻷثبت ذلك؟
فهي أكثر من أن تحصر في هذا المقام المحدود.
هل أبدأ بأركان الإسلام؟
من أين عرفنا أن للإسلام أركانا خمسة؟ من القرآن؟
أترك لهم الإجابة وإن كنت لا أتعجب منهم لو أنكروا ذلك أصلا!
وإن انتقلنا للصلاة؛ فالأسئلة الموجههة إليهم معروفة:
عدد الصلوات، ركعاتها، مواقيتها، صفتها، أذكارها، التشهد، سجود السهو.
هل هي في القران؟
وأرجو أن يواجهوا الأسئلة بصدق ووضوح.
هل هؤلاء المسلمون كلهم على ضلالة حين ((أوجبوا)) أداء الصلوات بهذه الكيفية؟
أم أنكم أنتم المنحرفون ؟!
وتحديد عدد الصلوات بخمس صلوات ليس من اجتهاد النبي ﷺ وإنما هو وحي من الله،
وهذا يدل على أن الوحي ليس القران فقط.
وإن انتقلنا للزكاة فالسؤال الأكبر الموجه لهم:
ما القدر الذي إذا أخرجه المرء من ماله تكون قد برئت ذمته وامتثل الأمر القرآني (ءاتوا الزكاة) ؟
فالذي يملك مليار ريال، وزكى منها ١٠٠ ريال، هل تبرأ ذمته؟
إن قلتم لا؛ فما الدليل؟
وما المقدار الذي يجب إخراجه من الحبوب والثمار؟
وإن انتقلنا للصيام:
فهل على الحائض صوم؟
وما الدليل من نص القران؟
وهل على من جامع أهله في رمضان كفارة؟ ما الدليل؟
وهل تشرع صدقة الفطر في نهاية شهر رمضان؟
ما الدليل؟ وما مقدارها؟
وإن انتقلنا للحج،
فهل هناك مواقيت مكانية للحج؟ ما هي؟
وما الدليل القرآني؟
وكيف تؤدى الصلاة يوم عرفة؟
وهل هناك شعيرة رمي الجمرات في الحج؟
ما الدليل؟
وهل هناك طواف للوداع؟ ما الدليل؟
وقبل ذلك: عددوا لنا محظورات الإحرام؟
هل أذكر مزيدا من العبادات والأحكام المتفق عليها بين المسلمين؟
سيطول ذلك جدا..
ولكم أن تتخيلوا الإسلام دون كل الأحكام المذكورة في الأسئلة الماضية والتي لم يأت النص عليها في القران وإنما جاءت في السنة؟!
ثم يقولون بعد ذلك : السنة إنما هي ركام من المرويات.. واﻵخذون بها عابدون للأسانيد!!
وأنا أوجه دعوة صادقة لكل من فتن بشبهات منكري السنة: إلى قراءة الأسئلة السابقة والتأمل فيها.
ليعلم أن السنة مبينة للقران، وأنها تأتي بأحكام لم يرد نصها في القران..
وصدق الله:
{وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}
وللمهتمين بهذا الموضوع، وبالشبهات المثارة حول حجية السنة وتاريخها ورواتها ومنهج المحدثين.. أرجو أن تجدوا في كتاب (أفي السنّة شك؟!) فائدة في هذا الموضوع.
انظر ايضًا كتاب تثبيت حجيَّة السُّنة
الكاتب: أ. أحمد بن يوسف السيد