تعزيز اليقين

الأدلة الفطرية على وجود الله

  •  فطرية معرفة الله تعالى.

مع أن الاتفاق حاصل بين المسلمين أن الإقرار بوجود الله هو أصل الأصول العقدية، إلا أنهم اختلفوا، هل الإقرار بوجود الله تعالى مسألة حاضرة في النفس ابتداء، أم أنها تفتقر إلى النظر والاستدلال.

والوحي والمنقول عن السلف، وطبيعة النفس البشرية تصحح القول بفطرية معرفة الخالق.

  • تشوه المعرفة، ووجوب النظر، وطرق النظر.

ومع أن معرفة الله تعالى فطرية ضرورية إلا أنه قد يعرض لهذه الفطرة أحيانا ما يشوهها، فيلزم حينها النظر والاستدلال. أما إن حصل الإيمان بدونهما لم يكونا واجبين، وإدعاء وجوب النظر والاستدلال مطلقا، أو أن النظر والاستدلال أول واجب على المكلف، أو أن أول واجب هو قصد النظر أو الشك كل هذه ادعاءات غير صحيحة.

لكن مما لا شك فيه أن النظر والاستدلال إن وقعا بالطريقة الشرعية فإنهما يقويان الإيمان، {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى..}

وحصر طرق النظر في طريق واحد أو طرق معينة غير صحيح، فكل دليل صحيح أفضى إلى معرفة الخالق فهو مشروع لمن احتج به.

دليل الفطرة يهدي إلى معرفة الخالق وتوحيده، لكنه لا يدل على تفاصيل الشريعة، بل هي متوقفة على الوحي.

  • دلالة الوحي على وجود المكون الفطري

أشارت نصوص الشرع إلى هذا المكون، مع إجمال فيما يقتضيه هذا المكون، وما يشتمل عليه من المعاني، فمن ذلك:

  • قوله تعالى:{فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله}، وقد فطر الله تعالى خلقه على معرفته وتوحيده.
  • ومنها قوله: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة}
  • ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء». ثم قال أبو هريرة: (فطرت الله التي فطر…..) متفق عليه.
  • وعن عياض المجاشعي أن النبي ﷺ قال ذات يوم في خطبته: «ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا…» مسلم.
  • قوله تعالى:{قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض}.

في قوله: {أفي الله شك} قولان: أي: في وجوده أو ألوهيته. والثاني يؤيده السياق، لكن اللفظ عام يشمل القولين، وفي الآية حجتان على من أنكر وجود الله، حجة فطرية (أفي الله شك)، وحجة نظرية (فاطر السموات  والأرض).

  • مفهوم فطرية المعرفة.

ليس المراد بفطرية المعرفة أنها حاصلة في النفس منذ الولادة، فإن الإنسان يولد وهو لا يعلم شيئا {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا}

بل المعنى أن هناك قوة مودعة في النفس تقتضي معنى التوحيد متى ما توفرت شروط هذا المقتضى وانتفت موانعه.

  • شواهد واقعية على فطرية المعرفة الإلهية.

  • اللجوء إلى الله عند الشدائد {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه} {حتى إذا كنتم في الفلك…}
  • كون الدين مكونا مركزيا في سائر الحضارات.
  • ظهور بعض العلوم والأبحاث التي تفتش عن سبب نزعة التدين في الإنسان، من أمثلة ذلك:
  • علم (النيروثولوجي)، وهو مجال بحثي يسعى للكشف عن طبيعة الصلة والعلاقة بين الجهاز العصبي في الإنسان، وظاهرة التدين.
  •  تفتيش بعض علماء الجينات عن (جين التدين).
  • بحث بعض العلماء عن مكون عضوي في الدماغ مسؤول عن ذلك.

وليس المراد هنا الإقرار بصحة هذه الدراسات من عدمها، بل المراد التأكيد على عمق مبدأ التدين في الجنس البشري.

  • محاولة الداروينيين “درونة” التدين.

لم يستطع الملاحدة إنكار نزعة التدين في البشر، لأنها واقع لا يمكن إنكاره، لكنهم عمدوا إلى إنكار كون هذه النزعة فطرية، ففسروا نزعة التدين بتفسير تطوري، مفاده أن الإنسان بحث عن شيء يسد فراغه الروحي فلجأ إلى التدين.

وبعضهم عزاه إلى التربية الدينية من الأبوين.

وبعضهم عزاه إلى وجود نزعة الخوف من المغيب، وأن الذي يخاف من المغيب يكون أصلح للبقاء، من ذاك الذي لا يخاف.

  • سعي الملاحدة إلى سد الفراغ الروحي بأمور اصطنعوها!

سعى كثير من الملحدين إلى ملء ذلك الفراغ الروحي الذي يجدونه في نفوسهم، عن طريق إقامة بعض الطقوس “الدينية” لكن بلا تدين.

  • ومن ذلك إنشاؤهم ما بات يعرف بـ (كنائس الإلحاد) والتي بدأت بالانتشار في دول ككندا وبريطانيا وأمريكا وغيرها.
  • ومن ذلك إقامة الاحتفالات والأعياد لمناسبات إلحادية، (كعيد ميلاد دارون). و(يوم الإلحاد العالمي)، (يوم الزندقة والكفر والتجديف)، وهذا الأخير تم الإعلان عنه عام (٢٠٠٩) ويصادف (٣٠ سبتمبر) وسبب هذا الاختيار هو أن هذا اليوم هو الذي نشرت فيه الصحف الدنماركية الرسوم المسيئة.

  • مستويات الدلالة الفطرية على وجود الله تعالى:

يمكن للفطرة أن تكشف عن حقيقة وجود الله من خلال مستويات:

  • المستوى الأول: دلالة المبادئ العقلية الأولية.

الاستدلال على الضروريات أمر في غاية الصعوبة، وقد يكون غير مقدور عليه، وما قد يقع من الاستدلال لها عند الضرورة إنما هو مجرد كشف وبيان عن حقيقتها، لا تدليل على ثبوتها.

لذا فإن من أنكر الضروريات لا سبيل إلى مناظرته، بل إنه يعالج بما يوجب له العلم، فإن عجز عن ذلك ترك.

عرض شبهة الملاحدة حول المبادئ العقلية الأولية:

لم يجد الملاحدة سبيلا للخروج من مأزق ما تدل عليه الضروريات العقلية، إلا بإنكار هذه الضروريات.

فبعضهم جعل هذه الضروريات ناشئا من خلال التعلم الحسي والتجربة عبر أداة (الاستقراء).

وبعضهم ذهب إلى أن العقل يتكيف حسب الواقع ليحقق البقاء للبشرية، لا ليصل إلى الحقيقة.

وعليه فقد تساءل بعضهم وتشكك بعضهم عن إمكانية الوثوق بالعقل، البشري أصلا، لأنه قد يكون مضللا.

واعترف بعضهم بالضروريات عمليا دون التأسيس لوجودها نظريا وفلسفيا.

فالمعول عند الملاحدة في تحصيل المعرفة على القضايا الحسية، لا العقلية، ولا حتى الضرورية منها، ويعتمدون في ذلك -أي: إنكار المبادئ العقلية – على بعض العلوم والنظريات، كفيزياء الكم، ولا يصح طرح المعارف الضرورية تحت سطوة المعارف الطبيعية، بل الواجب محاكمة المعارف الطبيعية إلى الضروريات.

الرد على ما ذهبوا إليه:

اطراح الضروريات العقلية يفضي إلى اطراح الثقة في أدوات الرصد والملاحظة، بل إلى إسقاط الثقة في مناهج البحث العلمي لكل العلوم.

القول بأن المعرفة لا يمكن تأسيسها إلا على المعارف الطبيعية قول متناقض لا يمكن أن يكون مقبولا عند العقلاء، ومتى صدق الإنسان بهذا فكيف يمكن له أن يثبت صحة المنهج العلمي، إلا بالمنهج العلمي ذاته!

قد يحكم الإنسان خطأً على أمر بأنه مستحيل ثم يتبين له خلاف ذلك، لكن ثمة مجموعة من المبادئ الضرورية، التي تبدو متعالية على وجود الإنسان ذاته، وهي غير مستفادة من مجرد التجربة، فمن تنكر (للمستحيلات العقلية) آل به الأمر للإقرار باجتماع النقيضين، كأن يقر بوجود جسم ساكن متحرك، وأي شيء لا معلوم ولا موجود.

الجزم بإيقاع الاستقراء التام غير مستطاع، فما الذي يدرينا أن ثمة أمراً حادثاً في بقعة من الكون قد خرج عن هذ الاستقراء، وعليه فقد يزعم زاعم أن هناك حادثا في مكان معين ولا محدث له.

مثل هذا التقرير هو الذي أفرز الدعوى الباطلة بأن المعارف كلها نسبية، وأن الحقيقة المطلقة لا يملكها أحد.

التواصل البشري لأجل الإقناع قائم على أرضية معرفية مشتركة، فإلغاء الضروريات يلغي إمكانية الحوار بين البشر.

وعليه فكل فكرة بشرية إنما هي فكرة نسبية متوافقة مع محيطها، وهذا يفقد البشر الثقة في تحصيل اليقين في أي شيء.

يقع الملحدون في جملة من التناقضات نتيجة إنكارهم للضروريات:

  1. فهم ينطلقون من جملة من المسلمات التي لا يمكن إثباتها بالعلوم التجريبية، كانطلاقهم: من رؤية تجعل للكون وجودا حقيقيا مستقلا عن إدراكنا، وأنه كون قابل للتعلم، وجعله محكوما بإطار سنني معين.
  2. مجرد السعي في الممارسة الاستدلالية يعبر عن تسليم بمبدأ السببية، ووجود تلازم بين الدليل والمدلول، إذ الدليل في حقيقته (سبب) للعلم بالمدلول.

خلاصة: وجود مثل هذه المعارف الضرورية دال على وجوده سبحانه، فإن سلم المقابل بوجودها كحقائق موضوعية لزمه الإقرار بوجود الله، لعدم إمكانية إثباتها دونه، وإن تنكر فإن ضريبة هذا التنكر باهظة جدا.

  • المستوى الثاني: النزعة الأخلاقية.

الفطرة الإنسانية فيها نزعة أخلاقية متجذرة، يدرك الإنسان من خلالها أن للأخلاق قيمة مطلقة لا نسبية، ويدرك من خلالها كذلك حسن الأخلاق من رديئها.

دلالة هذه النزعة على وجود الله تعالى.

  1. من الذي أودع هذه النزعة؟ وما الذي يفسر شعور الإنسان الضروري بأن العدل قيمة حسنة في مقابل الظلم؟
  2. الإنسان لا يمكن له أن يصل إلى القيم المطلقة لقصور علمه، وعدم تجرده كليا من الهوى، فالقيم المطلقة متعالية عن وجود الإنسان أصلا، فلا وجود للقيم المطلقة بدون وجود الله تعالى.
  3. الإيمان بالله يمكِّن المؤمن من استيعاب وجود القيم المتجاوزة لوجوده، واستيعاب وجود رؤية معيارية مطلقة تحاكم الأخلاق والممارسات إليها، وإلا لكانت محاكمة الأخلاق عنده نسبية.

هناك مستويان مهمان عند الحديث عن الفلسفة الأخلاقية:

الأول: هل للقيم الأخلاقية المطلقة، وجود أم لا؟

الثاني: كيف نتعرف عليها، ونميز بينها وبين الأخلاق الرديئة؟

ملاحدة الأمس وملاحدة اليوم:

التزم الملحدون عبر التاريخ استحالة وجود الأخلاق المطلقة مع الإلحاد، أما ملاحدة اليوم فإنهم يقدمون أنفسهم باعتبارهم إنسانيين، ويتحمسون لذلك في كثير من الأحيان، وهذا الحماس لا معنى له في ظل النظرة الإلحادية للأخلاق.

فإنهم لا يوضحون القاعدة التي تتأسس عليها الأخلاق التي يزعمون.

وإذا أرادوا التوضيح، فإما أن يقعوا في إشكالية التبرير النفعي التطوري البراغماتي للأخلاق وهذا يفقد الأخلاق قيمتها، وإما أن يقعوا في تقرير نسبية الأخلاق.

وإذا كان هذا هو الحال فإنه يظهر تناقض ملاحدة اليوم في استخدامهم للأخلاق في نشر إلحادهم عن طريق بعض المسائل التي يذكرونها، كسؤال الشر والعدل الإلهي، أو تشويه الإيمان لشرور مورست باسمه.

ولعل سبب بحث الملحد عن العامل الخلقي، هو ما يجده في نفسه من فراغ خلقي، بل ولبحث نفسه غير الواعي عن المقدَّس.

يقع ملاحدة اليوم في حرج عند طرح سؤال (وجود الأخلاق المطلقة أو عدمها) عليهم، فيتهربون إلى الإجابة عن كيفية التعرف على القيم الأخلاقية.

وبعضهم لا يجد مفرا من القول بنسبية الأخلاق، والقول بأن تعذيب الأطفال وأكلهم مثلا ليس بخطأ مطلقا، بل هو ما نراه نحن، وما تعودنا عليه، فيفسرون الأخلاق داروينياً.

قضية تحديد الأخلاق الحسنة، والأخلاق السيئة.

في ظل النظرة الإلحادية التي لا تعترف بالضروريات العقلية أو الفطرية، والتي لا تعترف إلا بالحس والتجريب طريقا لتحصيل المعرفة، في ظل هذه النظرة يقع الملحدون في اضطراب فيما يتعلق بكيفية تحديد الأخلاق الحسنة، من الأخلاق الرديئة.

فبعضهم كـ(سام هارس – Sam Harris) يرد الأمر إلى العلم، ويقول: “بما أن العلم قادر على إخبارنا بما يحقق العافية، فهو إذا قادر على تحديد الأخلاق الحسنة والرديئة”، وهذا الأمر لا يخرج عن كونه تقريرا عقليا يرده الإلحاد، والواقع أن العلم التجريبي نفسه عاجز عن إثبات صحة هذا الزعم.

أما دوكنز (Richard Dawkins) فإنه يرى أن تحديد الأخلاق الحسنة والسيئة يكون عن طريق المجتمع، ثم يعود إلى التفسير الدارويني للأخلاق.

ولذا فلا يجد الملحد مفرا عن الإلزام من القول بأن أمورا كزنا المحارم، وممارسة الجنس مع الحيوانات، بل وحتى تعذيب الأطفال، هي ليست من الأخلاق السيئة بإطلاق، بل هي سيئة بالنسبة لنا، وبالنسبة لما تطورت عقولنا عليه.

  • المستوى الثالث: الجانب الغريزي

معناه: تلك النزعات الغريزية التي تحمل المخلوقات على القيام بأفعال معينة، تصب في مصلحتها، دون أن تكون ناشئة عن تعليم أو دراسة أو تربية.

كالتقام الطفل لثدي أمه، وكغريزة الأمومة، وكهجرة الطيور من مكان لآخر، وكغريزة حب البقاء، وحب الجمال.

ولا إجابة تفسر ذلك إلا أن يكون الله تعالى هو الذي وضعها.

يفسر الملحدون تلك الغرائز تفسيرُا تطويريًا ويزعمون أن الكائنات تطورت لأجل مصلحة البقاء.

لكن يبقى السؤال قائمًا: كيف حدثت هذه الغريزة بعد أن لم تكن موجودة؟ كيف تشكلت؟

وعندها يقعون في الحيرة، أو أنهم يردون الأمر إلى (الجين الأناني) الذي يريد أن يستبقى وجوده بكل وسيلة.

فليس ثم محبة حقيقية في قلب الأم لولدها، إنما هي حركة ميكانيكية خاضعة للجين الأناني، فالأم تريد أن تحفظ وجودها في استبقاء ذلك الولد.

وقد أشار القرآن إلى العامل الغريزي، بقوله: {قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} ويقول كذلك: {وأوحى ربك إلى النحل}.

  • المستوى الرابع: الشعور بالغائية

الإرادة والقصد من أهم ما يميز الإنسان، وهما لا يتصوران إلا مع وجود مراد ومقصود، وهذا المراد والمقصود إما أن يكون مرادا لغيره أو لنفسه، وكونه مرادا لغيره دائما ممتنع، إذ لا يمكن أن تكون جميع المرادات مرادات لغيرها لأن هذا تسلسل في العلل الغائية. فتعين أن يكون مرادا لنفسه، وأن يكون قديما قائما بنفسه.

لذا فإن الإنسان دائما ما يتساءل: ما الغاية التي خلق من أجلها؟ إلى أين مصيره؟

هذه هي طبيعة الإنسان لذا فإن النبي ﷺ قال: «أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام».

وفي ظل النظرة الإلحادية، القائلة بأن الوجود كان نتيجة صدفة عمياء، وعبارة عن منتج المادة والزمن والصدفة، فإن هذه التساؤلات لا قيمة لها، بل يصفها الملاحدة بالسخيفة، لأنه لا فرق عندهم أصلا بين وجود الإنسان أو عدم وجوده.

فكلامهم قريب من قول المشركين الأوائل {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيي وما يهلكنا إلا الدهر}.

والملاحدة يحاولون الخروج من هذا الأشكال بقولهم: إن الإنسان له أن يرسم لنفسه هدفه الخاص. نعم، لا هدف من الحياة، ولا غاية ولا معنى على الحقيقة، لكن لك أن تتخيل لك هدفا وتسعى لتحقيقه!!

  • المستوى الخامس: الشعور بالإرادة الحرة

يجد الإنسان من نفسه ضرورة أنه يفرق بين أفعاله الاختيارية وبين ما يصدر عنه اضطرارا، فهو يعلم أن حاله عندما يرفع كأسا من الماء لفمه، ليس كحالة عند الإحساس بنبضات قلبه، وهذا الشعور بالإرادة الحرة يحتاج إلى تفسير..

يعجز الخطاب الإلحادي عن تقديم تفسير لهذه الإرادة الحرة، في ظل اعتقادهم بأن الأفعال الاختيارية هي مجرد تفاعلات جيوكيميائية، وهي محكومة بقوانين صارمة فكيف تكون الإرادة حرة.

بعضهم كـ(مايكل شرمر) يقر بأنه لا إرادة حرة على الحقيقة. لكنا نحس بأننا نتسبب في أفعالنا، بسبب كثرة تعقيد العوامل التي تؤدي إلى الأفعال، لكننا على الحقيقة ليس لنا حرية، هو مجرد شعور.

وبعضهم كـ(دانيال دينيت – Daniel Dennett) توسط وحاول أن يجمع بين الإرادة الحرة، وبين الجبرية المحضة، لكن حاصلها لا يخرج عن الجبر، لكنها تعطي صورة أكثر نعومة.

وإن من تناقض الملحدين وصفهم لأنفسهم (بالمفكرين الأحرار)، في الوقت الذي يكون الإنسان – في ظل رؤيتهم – لا يمكن أن يكون حرا، ولا مفكرا أصلا.

الكاتب: مستفادة من كتاب ظاهرة نقد الدين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى