مع التسارع الرهيب في المنتجات التقنية الحديثة, يبادر المستهلكون إلى إجراء المقارنات بين هذه الأشياء الجديدة كما يقومون باختبارها والسؤال عنها كي يصلوا للأفضل والأنسب لأعمالهم وحياتهم.
ويتجاوز الضخ الهائل لجديد عالم الأجهزة والأدوات الكهربائية لتأخذ الأفكار نصيبًا كبيرًا من ذلك فبعد الانفتاح الإعلامي الرهيب على كل الأفكار والأقوال والمذاهب فإننا نتلقى قدرًا كبيرًا من الأقوال والأفكار في شتى الفنون وخاصة فيما يتعلق بالعلوم الإسلامية, فهل يستحق هذا الجديد من الأفكار المقارنة والسؤال والاختبار؟ أم أن الأولى سد الباب أمام كل جديد ؟ أم العكس هو الصواب ؟
الموقف الصحيح هو عدم رفض الجديد مباشرة لمجرد أنه جديد بل نختبره حتى نعلم صحته وهنا سأذكر لك 4 خطوات لاختبار الجديد:
- الخطوة الأولى: إثبات المعلومة بالطرق العلمية
المعلومات التي نسمعها ستكون معتمدة إما على آية من القرآن أو حديث من السنة أو حدث تاريخي أو قول فقهي.
فأما القرآن فكله صحيح.
وأما السنة فلابد لكي نقبل المعلومة المبنية على الحديث أن يكون الحديث ثابتًا بالأسانيد الصحيحة.
وأما الأحداث التاريخية فكثيرًا ما نسمع الكلام على أحداث تاريخية بدون تحقيق علمي في صحة تفاصيل هذه الأحداث ولابد أن يكون في نفس المصدر التاريخي إسناد صحيح إلى هذا الحدث التاريخب حتى نبني عليه أحكامنا بشكل دقيق وعادل.
وأما الأقوال الفقهية في كثير من الأحيان يُعتمد في المسائل الشرعية على أقوال تكون النسبة غير دقيقة كأن يقول: “أحدهم هذا القول قول المالكية”. وهو في الحقيقة قول بعض فقهائهم, فيجب الرجوع إلى الكتب الفقهية المعتمدة في كل مذهب والتي توضح صحة نسبة القول. - الخطوة الثانية: عرض القول الجديد على المحكمات في الشريعة الإسلامية
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران الآية 7]. فأم الكتاب: هي أصل الكتاب الذي يرجع إليه, فنُرجع إليه المتشابه ونعرضه عليه وتمام الآية {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} فإذا كان في القرآن شيء متشابه من الممكن أن يُفسر على خلاف المحكمات فمن باب أولى أن يوجد ذلك خارج القرآن. - الخطوة الثالثة: السؤال
كما نتعب في السؤال عن الأجهزة والسيارات الجديدة فلنتعب ولو قليلًا في خطوات الوصول إلى الحق فيما نتلقى من الأفكار الجديدة, فما المانع أن نكون على ارتباط بمن نثق في علمه بكتاب الله وسنة رسوله وفي فهمه لهما, فقد يرشدك إلى دليل غائب يكمل الصورة تجاه هذا القول وقد قال الله :{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. [الأنبياء:7]. - الخطوة الرابعة: النظر إلى مآل هذا القول
الله سبحانه وتعالى حينما شرع أحكام الإسلام لم يشرع أحكامًا حرفية لا معنى لها وإنما شرع أحكامًا تحقق المصالح أو تُكملها وتزيل المفاسد أو تقللها, وهذه الخطوة لا تقل أهمية عما سبق من خطوات وسأضرب مثال يوضح أهمية هذه الخطوة:
بعض الأقوال التي نسمعها حديثًا أدت إلى أن صرح أصحابها أو كادوا بأن أربعة عشر قرنًا من أمة الإسلام بما فيها عهد الصحابة وقد أمرنا بإتباعهم بالقرآن وكذلك خير القرون والذين زكاهم النبي عليه الصلاة والسلام كان ينقصهم حقائق مهمة عن الدين غابت عنهم وربما اتهمهم بمحاباة السلطان وتزوير بعض الأمور الدينية مع سكوت البقية وعدم وجود مبين للحق في تلك الأزمان وإشكال هذا التصور هو تعارض مع قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[آل عمران:110] ولو كانت الأمة كاتمة للحق كل هذه الأزمان مداهنة بالباطل لكانت آمرة بالمنكر ناهية عن المعروف عكس ما جاء بالآية!! فهل يعقل خير أمة تتفق على الكذب والتزوير أو على الجهل والخطأ قرابة أربعة عشر قرنًا ؟؟!!
ولا شك أن الأقوال التي تؤدي لزامًا إلى مثل هذه النتيجة أقوال باطلة غير صحيحة.
مستفاد من كتاب كامل الصورة ج1 من ص 15-22