السؤال :
يقول شخص أن الأحكام والحدود والشرعيّة تتصف بالوحشية، ما هو الرد المناسب ؟
ننقل الجواب من قناة الطارق لتعزيز اليقين
الجواب :
الله عدل عليم حكيم وشرعه كله حكمة ومصلحة، وهو أيضا رحيم، فشرعه كله رحمة، هذا قدر يجب الإيمان به لأنه مترتب على صحة هذا الدين الذي يستند لأدلة وبراهين عقلية لا تقبل الرد، ويضاف لذلك جوابًا ما يلي:
▪️١- الوصف بالوحشية مجرد تشويه ولا يستند لمعنى منضبط، فمن الممكن أن يسمى السجن كذلك وحشية، فهو يقيد الإنسان بمكان واحد لوقت طويل يتعذب فيه نفسيا، وتتأثر أسرته ومن يعيلهم، حتى ربما تمنى تلك العقوبات الشرعية التي تؤلم وتردع في لحظات قليلة بقدر الحاجة.
▪️٢- شدة العقوبة البالغة مثل القتل وقطع الطرف موجودة بجرائم محدودة جدا تعد على الأصابع، ولها شروط صعبة يجعل ثبوتها والحكم بالعقوبة وتنفيذها قليل التحقق بل نادرا أحيانا، بل في بعضها ربما يكاد ينعدم إلا بالاعتراف والإصرار عليه كما في الرجم، كما أن الشرع درأ الحدود بالشبهات وحث على الستر والعفو، بل فتح مجال التراجع عن الاعتراف حتى أثناء تنفيذ العقوبة، كما في حديث ماعز – رضي الله عنه – .
▪️٣- حين حكم الشرع بالعقوبة الشديدة في حالات قليلة أو نادرة كان ذلك لمناسبة بين الجرم والعقوبة، فالسرقة التي يقطع فيها هي صورة معينة يكون فيها كسر للحرز وأخذ للمال على وجه الخفية الذي لا يمكن أن يتحرز منه الناس لا بالحراسة ولا بالانتباه، وهذا يجعل الردع عنه مطلوبا بقدر أكبر من النهب بقوة السلاح والاختلاس وقت الغفلة الذي لا قطع فيه.. وكذلك الرجم، صورته تكون في محصن ضعف عنده داع الإقدام، فدل إقدامه على شدة الإجرام، فأقدم على جرم يؤدي لتحطيم الأسر وإيجاد أطفال بلا معيل أو قتل ملايين الأجنة وتقطيعها حية كما يحدث في الغرب، ومع ذلك لا يكاد يثبت إلا باعتراف.
▪️٤- الشرع حين شدد العقوبة في هذه الجرائم فقد سبق ذلك ببيان عظم حرمتها وسد ذرائعها، وإباحة وتشريع ما يغني عنها، وهذا يزيد قدر جرم من يقدم عليها.
▪️٥- الشرع حين شرع هذه العقوبات لم ينظر باختزال لحال المجرم فقط كما ينظر المستنكرون لهذه العقوبات، بل نظر لما وقع على المجني عليه ونظر لإصلاح المجتمع، ونظر لمآل الجاني وصلاح حاله اللاحق في الدنيا والآخرة.
▪️٦- إذا أقر المستنكر أن تشديد العقوبة مع زيادة الجرم مبدأ عقلي صحيح، فليس له بعد ذلك مستند عقلي في تحديد قدر العقوبة المناسبة لجرم معين ومنع الزيادة عليه، ومن شرع هذه الشريعة علمه محيط وحكمته مطلقة، فهو أعلم بالقدر المناسب للردع والإصلاح الخاص والعام، والاعتراض عليه من عقل محدود بلا مستند هو سفه محض لا علاقة له بالعقل الصحيح.
▪️٧- إذا أقر المستنكر أن مبدأ اشتمال العقوبة على مفسدة لتحصيل مصلحة أكبر مبدأٌ عقلي صحيح، فليس له بعد ذلك مستند عقلي في تحديد قدر المفسدة المغتفرة لأجل مصلحة العقوبة، لأنه يجهل قدر المصلحة المترتبة على العقوبة، لقصور علمه عن إدراك آثارها القريبة والبعيدة والعامة والخاصة والجزئية حتى في الاحالات الفردية، فما بالك بالتشريع العام الأبدي، فلا يعلم قدر المصالح والآثاره بأنواعها إلا من علمه مطلق سبحانه.
هذا مجمل الجواب والله أعلم
وبإمكانكم مراجعة جواب الدكتور: ( مطلق الجاسر )، بعنوان:
الحدود الشرعية .. هل هي رحمةٌ أم قسوة .. ؟
وفقكم الله