تعزيز اليقين

مقالة (1) – لماذا الحديث عن أدلة وجود الله عزوجل ؟



المحور الأول .. أدلة وجود الله عزوجل

تمهيد

 سنبدأ رحلتنا في تعزيز اليقين بالحديث عن الإيمان بالله عزوجل، وما أعظمه من حديث وما أشرفه، نتعرف فيه على أدلة وبراهين وجود الله عزوجل، واتصافه سبحانه بصفات الكمال والجلال.

والعلم بالله عزوجل أول الواجبات وأشرف الغايات، بل هو أصل كل شيء، وهل خُلقت الدنيا إلا لمعرفة الله وعبادته!؟، لذا حريٌ بنّا أن نهتم بركن الإيمان بالله عزوجل، لنزداد معرفةً وحبًا لهذا الإله الخالق العظيم، فنعيش في نعيم عبودية الله عن علم ويقين؛ هذا النعيم الذي لا يُعوضه شيءٌ من ملذات الدنيا بأسرها، ومحرومٌ محرومٌ من لم يهنأ بالعيش في رحابه, كما قال مالك بن دينار – رحمه الله – : “مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل له وما أطيب ما فيها، قال: معرفة الله عز وجل ومحبته”.


  أفي الله شك !؟

 وقد يقول قائلٌ : وهل نحن في حاجةٍ إلى أن نتعرف على براهين وأدلة وجود الله عزوجل في مسيرتنا لتعزيز اليقين!؟

فنقول : إن التعرف على براهين وأدلة وجود الله عزوجل ليس لخفاء الأمر أو الشك فيه أبدًا؛ فحقيقة وجود الله واتصافه بصفات الكمال والجلال من المسائل الواضحة البدهية، ومن الأمور التي غُرست في نفوس البشر، بحيث لا يجدون لها دفعًا، بل يرون أنفسهم تنساق إلى هذه الحقيقة دون حاجة إلى برهنة أو كلام، ومن رحمة الله بعباده أن جعل شواهد ودواعي وبراهين الإيمان به سبحانه وتعالى كثيرة ضرورية متنوعة، 

 • ومنها أدلة نابعة من الفطرة البشرية؛ فالله جل جلاله خلق عباده مفطورين على عبادته ومحبته كما قال سبحانه وتعالى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}، وهذه الفطرة لها سطوة تُعين المرأ على الإنقياد لأدلة وجود الله، وإذا انتكس الإنسان عن هذه الفطرة، صارت روحه إلى سجن وضيق، وقلبه في اضطراب وتحيّر وتيه.

 • ومنها براهين تُخاطب العقل وتقنعه وتقيم الحجة عليه، فلا يملك أي عاقل بعد معرفتها إلا الإيمان بالله .

 • ومنها ما نصل له بالتفكر والتأمل في مظاهر الإبداع والإتقان والإحكام في هذا الكون العظيم…

وغير ذلك الكثير والكثير من الأدلة والبراهين، فكل شيء في الكون على الله دليل، وكل الأسس التي قامت عليها العلوم والمعارف البشرية، ويتفق عليها البشر في حياتهم وتعاملاتهم، تقودهم إلى الإيمان بوجود إله خالق متصف بالكمال.


فمن هنا لا مجال للشك في وجود الله خالقًا وإلهًا عظيمًا؛ لذا جاء في القرآن الكريم الاستنكار الشديد لمن يجحد عبودية الله وحده فضلًا عن جحد وجوده, كما قال عزوجل {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}!، ولذا كان اختلاف البشرية حولها قليلًا، بل لا يكاد يُذكر.


وإنما هدف تعلم هذه البراهين والتعرف على أدلة وجود الله عزوجل :

تقوية الإيمان في قلب المسلم, وانتقاله من الغفلة إلى اليقظة, حتى يصير إيمانه راسخًا كالجبال لا تؤثر فيه فتنةٌ، بل يكون كالمصباح المنير يُضيء الطريق لمن حوله إذا ازداد ظلام الشبهات حلكة.

 

• كما أن التعرف عليها يُعتبر من طرق العلم بالله الذي يُورث خشية وتعظيم الملك جل جلاله، كما قال سبحانه وتعالى{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.

 

إضافة إلى أنه من أعظم أسباب تذوق حلاوة الإيمان واستشعار القرب من الله الذي يجعل المُحب على استعداد بأن يضحي بنفسه ودنياه ولا يكون كافرا جاحدا بمولاه، فإذا كنت تشكو من قسوة القلب وقلة الدمع, أكثر من زادك في التعرف على الله والتأمل في دلائل عظمته وبراهين وجوده, والتي سنقف عليها في مسيرتنا بإذن الله تعالى.

 

كما أن تعلمها وتأمل صفات الله عزوجل وكماله وتذكر إنعامه على البشر وتدبيره لكل الكون، لمن أعظم الأسباب التي تجعل القلب متعلقا بالله تعالى وحده مخلصا له الدين؛ والقلب إذا تعلق بالله تعالى وحده وأخلص وجد الراحة والطمأنينة والسعادة، وإذا لم يتعلق به ظل قلبه تائها ضائعا في مراتع الهوى، ينتقل من التعلق بمخلوق ناقص، إلى التعلق بمخلوق ناقص آخر، فلا يهتدي مخرجا، ولا يجد فرجا.


فاعقد يا عبد الله قلبك على هذه المعاني والنوايا قبل أن نشرع سويا في التعرف على الأدلة والبراهين التي تثبت وجود الله عزوجل، سائلا مولاك العون والهدى والرشد والسداد .

⇐ منقول من : صفحة المُيسّر في تعزيز اليقين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى