غير مصنف

المسلمون في زمن النبوّة بين الضعف وتأييد الرب

       لطالما جرت سُنّة الله في خلقه أن يكون أغلب أتباع الرّسل وأولهم من الضّعفاء وصغار القوم، كما قال سبحانه على لسان قوم نوح -عليه السلام-: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ}[١]، أي: قالوا: أنؤمن لك يا نوح، ونقرّ بتصديقك فيما تدعونا إليه، وإنّما اتّبعك منا الأرذلون دون ذوي الشرف وأهل البيوتات؟[٢].

وكما قال فرعون عن أتباع موسى -عليه السلام-: {إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْ ذِمَةٌ قَلِيلُونَ}[٣] والشّرذمة: الجمع القليل المحتقر[٤].

وكذا كان الحال أيضًا في أتباع الرّسول محمّد -ﷺ- بادئ الأمر، حيث استكبر عِليَة القوم عن اتّباعه والانصياع له، وزادهم إعراضًا وأنفةً أنّ أتباعه -ﷺ- من ضعفاء القوم وصغار الشَّأن -في نظرهم- حاشاهم ذلك رضي الله عنهم وأرضاهم.

وإذ ذاك، فقد كانت أجواء المسلمين يُظَنّ بها الضّعف والوهن والانهزام؛ إذ يرونهم قليلي عددٍ وعتاد، ومعظمم من الموالي والفقراء والضّعفاء -إذ هم أتباع الرّسل في كل عصرٍ ومصر -ولم يكن لهم مستقرٌّ يستندون عليه وينشئون فيه دولتهم ويقيمون فيه شرعهم ودينهم وولايتهم.

فالقوّة والمكانة والرّفعة والشّرف والعزّة والمنعة والأموال والعدّة والعتاد لم تكن في صفّهم آن ذاك، فهذا سببٌ مقنعٌ ليتوهّم عديمو الإيمان أنّ أتباع محمدٍ -ﷺ- ليسوا سوى ضعفاء صابئين لن يلبثوا حتّى يستأصلوا شأفتهم.

فهل كان الصّحابة -رضوان الله عليهم- فعلًا كما يظنّ أولٰئك من الضّعف والهوان؟ إذًا.. كيف استطاع هؤلاء الضّعفاء القلّة الفقراء أن يقلبوا موازين الكون بأسره؟ وطيف ظهر دين محمّدٍ -ﷺ- على كلّ الأديان وغلب؟

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[٥].

[يقول المؤرّخ والفيلسوف وول ديو رانت ]:

“توفّي جستيان عام ٥٦٥م وهو سيّد إمبراطوريّة عظيمة، وبعد خمس سنين من وفاته ولد محمّد من أسرة فقيرة في إقليم ثلاثة أرباعه صحراء مجدبه قليلة السّكّان، أهله من قبائل البدو الرّحَّل، إذا جُمعت ثروتهم كلّها، فإنّها لا تكاد تكفي إنشاء كنيسة آيا صوفيا، ولم يكن أحد في ذٰلك الوقت على علم أنّه لن يمضي قرن من الزّمان حتّى يكون أولٰئك البدو قد فتحو نصف أملاك الدّولة البيزنطيّة في آسيا، وجميع بلاد المغرب ومصر، ومعظم شمالي إفريقيا، وساروا في طريقهم إلى إسبانيا، والحقّ أنّ ذٰلك الحدث الجلل الّذي تمخّضت عنه جزيرة العرب، والذي أعقبه استيلاؤها على نصف عالم البحر المتوسط ونشر دينها الجديد في ربوعه؛ لهو أعجب الظّواهر الاجتماعية في العصور الوسطى”[٦].

[ ويقول المؤرّخ الأمريكيّ لوثروب ستودارد ]:
“دون أن يكون له من الأمم الأخرى عون يذكر ولا أزر مشدود، وعلى شدّة هذه المَكارِه فقد نُصر الإسلام نصرًا مبينًا عجيبًا، إذ لم يكد يمضي على ظهوره أكثر من قرنين، حتّى باتت راية الإسلام خفّاقة من (البرانس) حتّى (الهملايا)، ومن صحاري أواسط آسيا حتّى صحاري أواسط أفريقية”[٧].

[ يقول المؤرّخ والطّبيب الفرنسيّ ڠوستاف لوپون ]:
“ولم ينقضِ القرن الأول من الهجرة حتّى كانت راية النّبيّ تخفق من الهند إلى المحيط الأطلنطيّ، ومن القفقاس إلى الخليج الفارسيّ، وعُدت أسبانيا الّتي هي أحد الممالك النّصرانيّة الكبرى في أوروبا، خاضعة لشريعة محمّد”[٨].

[ وتقول المستشرقة لورا فيشيا فاڠليري الأستاذ بجامعة نابولي في كتابها (الدفاع عن الإسلام)، عن سرعة انتشار الإسلام ] :

“إنّ التّاريخ لم يشهد قطّ ظاهرة مثل هذه من قبل، ومن العسير على المرء أن يُقدّر السّرعة الّتي حقّق بها الإسلام فتوحه، والّتي تحوّل بها من دين يعتنقه بضعة نفر من المتحمّسين إلى دين يؤمن به ملايين النّاس، ولا يزال العقل البشري يقف ذاهلًا دون اكتشاف القوّة السّرّيّة الّتي مكّنت جماعة من المحاربين الجفاة من الانتصار على شعوب متفوّقة عليها تفوّقًا كبيرًا في الحضارة والثّروة والخبرة والقدرة على شنّ الحرب”[٩].

وإن أردنا أن نكشف لـ: لورا، غوستاف، لوثروب وديورانت وغيرهم ممن يتساءل عن هذه القوّة السّرّيّة الّتي مكّنت هذه القلّة من فعل هذه المعجزات، لقلنا أنّها التّـأيـيـد الإلهيّ!.

(أيد) الهمزة والياء والدال أصلٌ واحد، يدلّ على القوّة والحِفْظ. يقال أيّدَه الله أي قوّاه الله[١٠] ..

كان تأييد الله لهم كفيلًا أن يقيم دولتهم من فراغ، وأن يقوّي شوكتهم من ضعفٍ وانهزام، وأن يهزم عدوّهم وإن كان كِسرى وقيصر.

أيّد الله -سبحانه وتعالى- المسلمين في زمن النبوّة بأنواع مختلفةٍ من التّأييد: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[١١].

  • ?تأييد الله للمسلمين بغير واسطة: وهذا كان عن طريق معجزات الرّسول -ﷺ-.

إنّ وجود الرّسول -ﷺ- بين ظهراني المسلمين وحده لَمِن أعظم التّأييد لهم، قوَّته وبسالته وحكمته ورأيه وسداده ورحمته وجلده ويقينه -ﷺ- كان له من الشّأن العظيم في نفوس صحابته رضوان الله تعالى عليهم جميعًا.

أمّا عن معجزاته فهي تنقسم أيضًا إلى قسمين:

  • [•المعجزات الحسّيّة]:

إذ كانت تأييدًا عظيمًا لمؤمنين وتثبيتًا لهم، وطمأنينةً على صحّة الطّريق الذي سلكوه وبذلوا لأجله الغالي والنّفيس، بل بذلوا لأجله أرواحهم فداءً.

ومنها: تكثير الماء ونبعه من بين أصابعه الشّريفة[١٢]، تكثير الطّعام[١٣]انشقاق القمر[١٤]، حنين الجذع[١٥]، تسليم الحجر[١٦]، شفاء بعض الصّحابة على يديه[١٧]، امتثال الجبل لأمره[١٨]، بركة عصاه[١٩]، سقى سبعين رجلًا من أهل الصّفّة من قدحٍ واحد من الحليب[٢٠]، مباركته تمر جابر -رضي الله عنه- حيث وفّى منه دينه وبقي التّمر كما هو كأن لم يؤخذ منه شيء[٢١].

  • [•المعجزات المعنويّة]:

كذلك فإن لمعجزات الرسول -ﷺ- المعنويّة الأثر البالغ في تأييد المسلمين رضوان الله عليهم في زمن النّبوّة، ومن أهم هذه المعجزات:

  • القرآن الكريم، فقد كان كلام الله يُنزّل على قلوبهم مُثبِّتًا، وعلى مصائبهم مخفِّفًا، وعلى بلائهم مصبّرًا، وعلى طريقهم مُسدِّدًا.
  • أدعيته المجابة -ﷺ- فقد كانت أدعيته لأصحابه وعلى أعدائه مُجابةًمُشاهدَةً للعيان.
  • اكتشافه لكل ما يُحاك له من مكائد من المشركين، وإخباره بالغيبيات الماضية والحاضرة والمستقبلة وغيبيات ما بعد الموت وبدء الخلق، موقف سراقة رضي الله عنه: عن سراقة بن مالك بن جعشم رضي الله عنه قال: “جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله -ﷺ- وأبي بكر دِيَةَ كلّ واحد منهما لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مُدلِج، إذ أقبل رجل منهم، حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة، إنّي قد رأيت آنفًا أَسوِدة بالساحل أراهما محمّدًا وأصحابه،

 قال سراقة: فعرفت أنّهم هم، فقلت: إنّهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأعيننا، ثم لبِثتُ في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وهي من وراء أَكَمةٍ فتحبسها عليَّ، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، فخططت بزَجِّه الأرض وخفضت عاليَهُ، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي، حتى دنوت فعثُرتُ بي فرسي فخررتُ عنها، فقمتُ فأهويتُ يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها: أضُرُّهم أم لا؟ فخرج الذي أكره.

فركِبتُ فرسي وعصيت الأزلام تقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ﷺ– وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها، فنهضت فلم تكد تُخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأَثَرِ يديها عُثانٌ ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتُهم، ووقع في نفسي حين لقِيتُ ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهرُ أمر رسول الله -ﷺ- فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدِّيَةَ، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرْزآني، ولم يسألاني إلا أن قال: ((أَخْفِ عنا))، فسألته أن يكتب لي كتابَ أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم[٢٢].

  • ?تأييد الله للمسلمين بواسطة:

لقد أيد الله المسلمين بواسطة عدة أمور نذكر منها:

  • الملائكة في الغزوات: في غزوة بدر، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}[٢٣]. وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي -ﷺ- قال: يوم بدر: “هذا جبريل آخذ برأس فرسه، عليه أداة الحرب”[٢٤].

وفي غزوة أحد: روى الشيخان من حديث سعد رضي الله عنه قال: “رأيت رسول الله ﷺ يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض كأشدِّ القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد[٢٥]“.

  • تأييده في الغار للنبي وأبي بكر بجنود لا يراها الناس: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[٢٦].
  • نصرهم بالرعب في الغزوات: فقد جاء في الحديث الذي رواه ابن عباس -رضي الله عنه-: (…ونُصِرتُ بالرُّعبِ مسيرةَ شهرٍ…)[٢٧].

لم ينزل الله تأييده على المسلمين في زمن النّبوّة بلا أسباب، فقد بذل المسلمون من الأسباب ما استحقوا به هذا التّأييد، منها:

  • [١] -•صلاح العقيدة، فلا يخفى على المرء أنّ صلاح العقيدة يستجلب معية الله وسداده وولايته وتأييده،فلمّا نبذ المسلمون ما كانوا عليه من الشرك في الجاهلية وأخلصوا عقيدتهم، تنعّموا بالتأييد الإلهي والفتح الرّبّانيّ.

  • [٢]-•التّوكل على الله، فمن توكل عليه كفاه، واستجلب بتوكله تأييد الإلٰه، ورضاه عنه وتسديده إيّاه.
  • [٣]-•اليقين بقدرة الله الّتي لا يُغالبها غالب، ولا يعجزها أمر، فمن زاد يقينه، استجلب الفتح والتأييد.
  • [٤] -•الثقة بمعيّة الله تعالى، لقوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[٢٨].
  • [٥]-•اتّباع الرسول -ﷺ-، فمخالفة الرّسول سبب في تخلف معية الله عن العبد، كما حصل مع الصحابة -رضوان الله عليهم- في غزوة أحد حين خالفوا أمر الرسول -ﷺ- ونزلوا من الجبل قبل إشارته فكان النصر حليف المشركين حينها.
  • [٦]-•الولاء والبراء، لقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[٢٩].
  • [٧]-•الصبر والثبات أمام المصاعب والبلاءات، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ، فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقُلْنَا: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو لَنَا، فَقَالَ: قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ، فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ، لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»[٣٠].

ولا يخفى علينا جميعًا أنَّ الصّحابة -رضوان الله عليهم- قد اجتمعت فيهم أسباب التّأييد جميعها، فلم يتخلف تأييد الله لهم في زمن الرسول -ﷺ- ولا بعده، فقد كان ضعفهم في بدء الأمر لحكمة، وقد كان تأييدهم بعد استكمال أسباب التأييد محتّمًا واقعًا لا محالة، فهم خلفاء الله في أرضه، الذين حين مكّنهم فيها أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، رضوان الله عليهم أجمعين.

جمعنا الله بهم وبنبيه -ﷺ- في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر.

بقلم: فاطِمة عماد

تحرير: أسماء القاضي

تدقيق: مريَم الهِبل


[١] الشعراء: (١١١).

[٢] تفسير الطبري.

[٣] الشعراء: (٥٤).

 [٤] تفسير القرطبي.

[٥] التوبة: (٣٣).

 [٦] وول ديورانت – موسوعة قصة الحضارة المجلد ١٣ ص٢.

[٧] لوثروب يتودارد حاضر العالم الاسلامي مقدمة المؤلف.

 [٨] غوستاف لوبون -حضارة العرب ص ١٥٣ طبعة ٢٠١٢.

 [٩] لورا فاغليري – الدفاع عن الإسلام، ص ٢٢.

 [١٠] معجم مقاييس اللغة (ج١).

[١١] الأنفال: (٢٦).

 [١٢] رواه البخاري(٤١٥٢).

 [١٣] رواه البخاري (٤١٠١)، ومسلم (٢٠٣٩) عن جابر – رضي الله عنه.

 [١٤] رواه البخاري (٣٨٦٨)، مسلم (٢٨٠٢).

[١٥] رواه البخاري (٩١٨).

[١٦] رواه مسلم ( ٢٢٧٧).

[١٧] رواه البخاري (٤٢٠٦).

[١٨] البخاري (٣٦٩٧).

[١٩]رواه البخاري ) ٢٠٩٧).

[٢٠] رواه البخاري (٦٤٥٢).

[٢١] رواه البخاري (٢١٢٧).

[٢٢]أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي -ﷺ- حديث رقم: (٣٩٠٦).

[٢٣] آل عمران: (١٢٣-١٢٦).

[٢٤] ص٧٥٩ برقم ٣٩٩٥، كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرًا.

[٢٥]أخـرجـه البـخـاري في المغازي بـاب: ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا ﴾ [آل عمران: ١٢٢]، (٤٠٥٤)، ومسلم في الفضائل باب قتال جبريل وميكائيل عن النبي ﷺ يوم أحد )٢٣٠٦).

[٢٦] التوبة (٤٠)

 [٢٧] أخرجه أحمد ( ٢٧٤٢).

 [٢٨] الحج: (٤٠).

[٢٩] المجادلة: (٢٢).

[٣٠] أخرجه أحمد: ٥ /١٠٩ (٢١٣٧١)، والبُخَارِي: ٤ /٢٤٤ (٣٦١٢)، وأبو داود: ٢٦٤٩، والنَّسائي: (٨ /٢٠٤).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى