إن تحقق أصل الضبط في الصحابة قد أخذه العلماء من دلائل متعددة، منها:
- أمْره ﷺ العام لهم بالبلاغ عنه كقوله لهم في الحج ” ليبلغ الشاهد الغائب “. وهذا يقتضي فيهم وجود صفة ما تبرأ به الذمة في الإبلاغ من العدالة والضبط.
- ومنها : تغليظه ﷺ في القول عنه ما لم يقل مع قوة إيمانهم ومحبتهم الدافعة لهم للاحتياط وعدم المجازفة بالرواية فيما ليسوا متأكدين منه كيلا يدخلوا في وعيد القول عنه ما لم يقل. فلو كان فيهم من خف ضبطه فإن وجود الديانة مانع وقت الأداء من التحديث بما لا يكون محل تأكد وتثبيت.
- صحة الأذهان وسلامتها فيهم. وكانوا هم وغيرهم في تلك المرحلة يحفظون القصائد الطوال وخطب العرب وأيامهم ووقائعهم بسهولة ويسر.. هذا في الحالة العادية.. أما في الحديث ففيهم أمر زائد، وهو:
- وجود الحرص الخاص منهم في تتبع أقوال النبي ﷺ وأفعاله مع إدراكهم أنها مرتبطة بالتشريع العام المتعلق بالأمة وهذا يزيدهم تثبتا ويقظة في ضبط كلام النبي ﷺ.
- وضوح كلامه ﷺ وعدم السرعة في الأداء ” كان يتحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه “، كما قالت عائشة.
فضلا عن تكراره بعض حديثه حتى يعوا عنه.
- وجود التصحيح والمراجعة فيما بينهم عند النقل وهذا له شواهد منها تخطئة قول ابن عباس في زواج النبي ﷺ من ميمونة وهو محرم …الخ
وسؤال أخير: لو كنت أنت تعيش في زمن النبي ﷺ وسمعت منه بأذنيك قوله: “ من يقل عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار “. فهل كنت ستحدث بحديث عنه وأنت غير واثق من صحة جمعك وضبطك وإتقانك له؟
مهما يكن جوابك إيجابيا فإن حرص الصحابة وديانتهم في هذا أعلى منك .. فضلا عن تفوقهم عليك في جودة حفظهم وصحة أذهانهم
الكاتب: أ. أحمد بن يوسف السيد