عرض ونقد

هل ساوى الإسلام بين المرأة والحيوانات ؟

يعترض بها دعاة محاربة الذكورية على الإسلام أنه ساوى بين المرأة والحمار والكلب الأسود في الحكم بقطع الصلاة [1]، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود ” [2].

ولكن هذا الاعتراض غير صحيح؛ لكونه مبنيًا على مقدمة باطلة ، وهي أن الجمع بين الأمور الثلاثة في سياق واحد يستلزم الحكم بالمساواة بينهما من كل الجهات ، وهذا تصور عار عن الصحة ، فإن الجمع بين تلك الأمور إنما كان لأجل اشتراكها في شيء واحد فقط ، وهو قطع الصلاة.

ومثل هذا الأسلوب لا يستلزم في العقل ولا في الشرع الحكم بالمساواة بينها فيما عدا ذلك الأمر ، فإنك تقول : الذهب والحديد تمتدان بالحرارة، ولا يعني هذا أنك تساوي بينهما في القيمة والمكانة ، وتقول : الإنسان والدجاج كلاهما يمشي على قدمين ، ولا يعني ذلك أنك تساوي بينهما في المكانة والمنزلة.

فالحديث إذن لا يستلزم ألبتة التسوية بين المرأة والحمار والكلب في المنزلة والمكانة ، ولا المشابهة  بينها في القدر والاحترام ، وإنما غاية ما يدل عليه أنها مشتركة معها في حكم واحد ، وهو قطع الصلاة.

وقد اختلف العلماء في تحديد العلّة التي من أجلها حُكم على المرأة بأنها تقطع الصلاة – سواء كان معنى الحديث الإبطال أو إنقاص الأجر – ، وذكروا في ذلك عِلَلاً اجتهاديّة ظنيّة ، فمنهم من ذَكر أن العلّة راجعة إلى التشويش والانشغال بالمرأة عن الصلاة ، ومنهم من ذكر أن العلّة خوف النجاسة ، ولهذا جعل الحكم بالقطع خاصّا بالمرأة الحائض فقط ، ومنهم من ذكر أن الشيطان يتصوّر بصورة المرأة ويسعى إلى قطع الصلاة[3].

وهذه التعليلات الظنيّة تدل على أن العلماء المسلمين لم يفهموا من هذا الحديث تحقير المرأة أو التقليل من شأنها ، أو جعلها مساوية لمرتبة الحمار أو الكلب – كما يدّعي المعترضون – وإنما أرجعوا العلّة إلى أمور خارجة راجعة إلى المصلّي وشأن الصلاة، لا إلى ذات المرأة ومكانتها .


المراجع :

[1] انظر : هنّ أبدًا لسن ناقصات عقل، مجلة أنا أُفكّر (13/29 ).

[2] أخرجه أحمد، رقم (20360)، وأبو داود، رقم (602).

[3] انظر : شرح صحيح مسلم، النووي (4/227)، وفتح الباري، ابن حجر (1/588)، وفتح الباري، ابن رجب (2/696-700).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى