مقاصد عقوبة السرقة
تمهيد
حرم الله سبحانه وتعالى جميع صور الاعتداء على الأموال، وشرع من التشريعات ما يحفظ أموال الناس، ابتداء من إيجاد الوازع النفسي المانع من السرقة، ومروراً بالتكفل بإيجاد العدل في التوزيع وكفاية العيش، وانتهاء بتشريع العقوبة لمن تعدى على الأموال، ومع ذلك فقد وضعت ضمانات تمنع وقوع الظلم على السارق، وتدرأ الحد عنه بالشبهة.
وعقوبة السرقة وإن كان فيها ضرر على صاحبها، إلا أن الشريعة رأت ارتكاب هذا الضرر الأقل لمنع الضرر الأكبر على المجتمع.
تعريف السرقة في اللغة والاصطلاح :
لفظ السرقة يدور في اللغة حول أخذ الشيء في خفاء وستر.
ومعنى السرقة اصطلاحاً كما هو في اللغة مع زيادة القيود التي توجب الحد، وهي: أخذ المال الذي بلغ نصاباً من حرز مثله، مع عدم وجود شبهة للسارق في المال.
حكم السرقة وعقوبتها :
حفظ المال من الضرورات الخمس في الشريعة الإسلامية، ولذا فقد حرمت نصوص الكتاب والسنة السرقة.
وترتيب الحدّ عليها يفيد أنها من كبائر الذنوب.
ثانيا: عقوبة السرقة.
عقوبة السارق إذا اكتملت شروطها هي قطع اليد اليمنى؛ يستوي في ذلك الأنثى والذكر، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع.
قال تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيدهما جزاء بما كسبا نكالا من الله).
وقال ﷺ: «يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». وقال: «لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده»، وقال: «تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا».
وقالت عائشة: لم تقطع يد سارق على عهد رسول الله ﷺ في أدنى من ثمن المجن؛ ترس أو حَجَفة، وكان كل واحد منهما ذا ثمن.
وأجمع المسلمون على قطع يد السارق.
وقد اتفق الفقهاء على قطع اليمنى في أول سرقة، ثم اختلفوا في السرقة الثانية وما بعدها على أقوال.
مقاصد عقوبة السرقة :
أولا: حفظ المال وصيانته: فقطع اليد فيه ردع لمن يريد السرقة، وردع لمن سرق عن أن يسرق مرة أخرى.
ثانيا: المحافظة على أمن الفرد والمجتمع: فانتشار السرقة يؤدي إلى زعزعة الأمن وانتشار الخوف في المجتمع، وهذا الخوف كما يكون على المال فإنه يكون على النفس كذلك، لأن السرقة قد يكون معها اعتداء علي النفوس.
وإذا كانت حادثة سرقة واحدة تجعل كثيرا من الناس يتخذون الحراس ويبالغون في احتياطاتهم فكيف إذا انتشرت السرقة.
ثالثا: مقصد الردع والزجر والجزاء الوفاق: لما كانت الحكمة تقتضي أن تكون كل عقوبة مناسبة لمدى الجريمة، فإن قطع يد السارق هي العقوبة المناسبة للسرقة، وذلك لأنه هو العضو الذي يباشر الأذى للناس، ولأن أثر هذه العقوبة يبقى ظاهرا، فيكون فيه ردع له ولغيره عن السرقة.
فإن قيل: فلماذا لا تقطعون ذكر الزاني إذا؟
فالجواب:
– أن السارق له يد أخرى بخلاف الذكر.
- وقطع اليد شيء ظاهر.
- وقطع الذكر فيه إبطال للنسل بخلاف قطع اليد.
رابعا: محاربة الدوافع النفسية الداعية للجريمة بعوامل صارفة: فالطمع يدفع السارق إلى السرقة، فإذا علم السارق أن قطع يده سيؤدي إلى قلة كسبه فإن سيصرف تفكيره عن السرقة كطريق لتكثير المال.
خامسا: جبر خاطر المجني عليه ومنع الحقد والكراهية.
والله تعالى أعلم وأحكم ،، ونستغفر الله من الخطا والزلل وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..