عرض ونقد

هل أخطأ القرآن في وصف القمر ؟

ادّعى بعض المعترضين أنّ القرآن يصوّر القمر على أنّه داخل في السّماوات السّبع كلّها، وأنّه منوّر لجميع أرجائها، كما في قوله: “ألم تروا كيف خلق الله سبع سماواتٍ طباقاً ** وجعل القمر فيهنّ نوراً وجعل الشّمس سراجاً” ولكنّ العلم الحديث يثبت أنّ القمر كوكب صغير جدّاً بالنّسبة للشّمس وغيرها من الكواكب الكبيرة، فكيف يكون مضيئاً للسّموات الواسعة؟! بل أثبت العلم أنّ الفضاء مظلم جدّاً، فكيف يصحّ القول بأنّ القمر نورٌ في السّموات؟!

وبيان قصور هذا التصوّر، وكشف ما فيه من خلل يتبيّن بما يلي:

  • بيّن علماء الإسلام أنّ القرآن لا يدلّ على أنّ القمر في كلّ السّموات، وإنّما هو في السّماء الدّنيا فقط، وفسّروا الآية بأنّ المراد هو السّماء الدّنيا، وأسلوب الآية معروفٌ عند العرب؛ حيث يعبّر بالكلّ ويراد به البعض، كقولنا: أتيت بني تميم، وإنّما أتى بعضهم، وفلان متاورٍ في دور بني فلان، وإنّما هو في دارٍ واحدة.
  • ذكر إنارة القمر للسّماء الدّنيا لا يعني أنّه منور لكلّ السّماء بكل أرجائها وما فيها من المجرّات والكواكب البعيدة، فيجوز أن نقول الألعاب النّارية تضيء سماء المدينة، ويكون المقصود أنّها أظهرت نوراً في سمائها، ويجوز أن نقول: القمر يضيء الأرض وأنت لا تقصد إلّا الجهة الّتي يخيّم عليها الليل فقط.
    فلا يلزم بذلك من حكم الله على القمر بأنّه ينوّر السّماء أن يكون المقصود بها كلّ أجزاء السّماء.
  • الحكم على القمر أنّه في السّماء، لا يلزم منه أن يكون داخلاً في هيكل السّماء، بل المقصود أنّه في جهة السّماء، فيصحّ لغةً قولنا: الطّائرة في السّماء، ولا يكون المقصود أنّها داخلةٌ في هيكل السّماء، بل المراد أن الطائرة في جهة السماء، أي في جهة العلو، وقد جاءت كلمة السّماء في القرآن مراداً بها العلوّ كقوله تعالى: “ونزّلنا من السّماء ماءً مباركاً”، يعني المطر، والمطر ينزل من السّحاب المسخّر بين السّماء والأرض، قال الحسن البصري: “الشّمس والقمر والنّجوم في فلك بين السّماء والأرض غير ملصقة، ولو كانت ملصقة ما جرت”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى