عرض ونقد

هل ظلم النبي عائشة بزواجهما ؟

  • السؤال:

يثير المشككون في الإسلام قضية زواج النبي الطاهر النقي محمد -ﷺ- بعائشة، ويستنكرون صغر سنها وقت زواجه بها، ويطعنون عليه بسبب ذلك.


  • الجواب: 

أولاً: إن أسعد الناس بهذا الزواج هي عائشة رضي الله عنها، وقصص الألفة والمحبة بينها وبين النبي ﷺ  أفضل نموذج للاقتداء، وبالتالي؛ فالمحذور الذي يُخشى من الزواج بالصغيرة من تضررها جسديّاً أو نفسيّاً لم يكن في هذا الزواج المبارك.

ثانيًا: قبول النفوس للزواج في هذه السن أو استنكارها إنما هو عائد للأعراف لا للحقيقة في ذاتها؛ وإلا فلو كان هناك أي غضاضة في هذا الأمر لكان أول من استنكره كفار قريش واليهود والمنافقون الذين لا يفوّتون فرصة للطعن بالنبي ﷺ  فهم لم يألوا جهداً في الطعن به ﷺ  عن طريق عائشة في حادثة الإفك!.

وقد ذكر الله في القرآن الطعونات التي وجهها الكفار والمنافقون للرسول ﷺ  في آيات كثيرة، فقالوا عنه: ساحر، وشاعر، وكاهن، وأنه يستعين بأقوام آخرين، وأنه إنما يعلمه بشر، وذكر الله استنكارهم أكله الطعام ومشيه في الأسواق، وأنه أُذُن، وغير ذلك، ولم يذكر منها طعنهم عليه في هذا الزواج، كما أن السُّنَّة والأخبار لم تنقل لنا شيئاً من ذلك، مع نقلها لكثير مما أثاروه على النبي ﷺ .

ثالثًا: قد تبلغ المرأة عند التاسعة، ومعنى بلوغها أنها قادرة على الحمل والوضع، ولو كانت القضية مجرد زواج صغيرة لبنى بها النبي ﷺ  منذ عقد عليها وهي ابنة ست، ولكنه انتظرها ثلاث سنوات حتى تهيأت وصلحت للزواج. كما أن العالم الغربي إلى فترة قريبة كانوا يزوجون البنات في سنّ يعتبرونها الآن مخالفة للقانون والذوق!

ومن المفارقة أن العلاقات الجنسية دون سن الزواج القانوني، لا تحظى بمحاربة إعلامية عندهم كالزواج! بل هي مشروعة بالقانون في سنّ مبكرة على حسب الدولة أو الولاية، والبعض لا يطمئنّ إلا حين تخبرهم بأن سنِّ الزواج في عدد من الدول الغربية كان مسموحاً من الحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة، ووجه الاطمئنان أن ضغط التأثير الغربي عند البعض جعله في نفسه ميزاناً للمنكر والمعروف، ولسنا بحاجة لهذا كله في الحقيقة، غير أن تنويع الحجة جيد لتفاوت إيمان
الناس وأفهامهم.

وختاماً؛ فإن هناك من يحاول الدفاع عن رسول الله ﷺ  بإنكار حديث عائشة المتفق عليه في بيان سن زواجها، ويستدلون ـ بعد إنكارهم للنص في المسألة ـ ببعض الأخبار والروايات التي فهموا منها أن زواجها كان في سن الثامنة عشرة أو قريباً من ذلك، وقد ناقشتُ عدداً من الإشكالات المثارة في هذا الموضوع في مقطع بعنوان «مناقشة رأي د. عدنان إبراهيم في «سنّ عائشة عند الزواج»» وخير من هذا المقال وأوسع، كتاب «السنا الوهاج في سن عائشة عند الزواج» لفهد الغفيلي.

وقد قدّم الأستاذ حسام عبد العزيز ثلاث حلقات عبر (يوتيوب) تحت برنامج (بالعقل) عن سن عائشة عند الزواج، وهي جميلة وممتعة ومفيدة، وتصلح للنشر.

المصدر
كتاب سابغات ١٥٩-١٦١.

الكاتب: أ.أحمد بن يوسف السيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى