الاعتراض:
من الأمور التي ادعى فيها بعض المعترضين أنها مخالفة للعلم: عدد الأرضين، فالنّصوص الشّرعية تذكر أنّ هناك سبعة أرضين، بعضها فوق بعض، بل روي عن ابن عباس أنه قال: “سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى”، والعلم الحديث غاص في أعماق الأرض ولم يجد من ذلك شيئاً.
الرّدّ:
لا بد من التأكيد على أن الأرضين السبع مذكورة في نصوص شرعية عديدة، أمّا القرآن فلم يأت فيه ذكر لذلك إلّا في موضع واحد وهو قوله تعالى: “الله الذي خلق سبع سماواتٍ ومن الأرض مثلهنّ”، وأمّا السّنّة فقد جاء فيها ذكر الأرضين السّبع مرّات كثيرة ومنها: حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من ظلم من الأرض شيئاً طوقه من سبع أرضين”.
وقد اختلف العلماء في تفسير هذه النّصوص والأقرب للصّواب بعد تأمّل النّصوص أنّنا لا نعلم المقصود بالسبعة أرضين وكيفية تلاصقها، وذلك أنّ غاية ما جاء في النّصوص الشرعية الإخبار بأن هناك سبعة أرضين، ولكن لم يأت فيها ذكرٌ لصفتها ولا لكيفيتها ولا لصورتها، والأثر المروي عن ابن عباس ضعيف لا تصحّ نسبته إليه، وقد ضعفه الإمام أحمد والبيهقي وغيرهما، فهي بذلك من الأخبار الغيبية التي يجب التسليم بها، وعدم الخوض فيها إلا ببيّنة ودليل ظاهر، وليس فيها ما يخالف العقل أو يناقضه.
وبناءً على هذا القول، فإنّه لا يصحّ الاعتراض على الإسلام بقضيّة الأرضين السّبع لأنّنا لا نعلم عنها شيئاً، ولا نعرف مقصود الشّارع بها.
ثمّ إنّ تقسيم طبقات الأرض يختلف باختلاف المقاييس المعتمدة في التقسيم، فبناءً على اختلفها يمكن أن قسم طبقات الأرض إلى خمس أو ست أو سبع أو أكثر من ذلك، فبأيّ حجّة يجعل مقياس معيّن هو المقياس المعتمد دون غيره ثمّ يحكم بناءً عليه بأنّ الإسلام مخالفٌ للعلم.
ثمّ إنّ ترك الأدلّة الدّامغة المتنوّعة التي تصبّ في صحّة الإسلام، والتّشبّث بمثل هذه الشّبهات المتهافتة في نقد الإسلام، يدلّ على خلل منهجيّ ناجمٍ عن انعدام في الموضوعيّة، واتّباعٍ للهوى.