السؤال:
الاستدلال على حجية السنة من القرآن باﻵيات اﻵمرة بطاعة الرسول ﷺ، لا يدل على حجية السنة. هذا فهمكم الشخصي. هذا الكلام غلط ما الرد عليه؟
الرد من وجهين:
- الوجه الأول: من ناحية إثبات عمومية هذا الفهم عند علماء المسلمين.
- الوجه الثاني: من ناحية إثبات صحة فهمهم هذا وصوابه وخطأ ما سواه.
فأما الوجه اﻷول:
فلم يزل أهل العلم يستدلون بهذه الآيات ونحوها على وجوب اتباع السنة.
بل و نقل غير واحد الإجماع على ذلك، ففي قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}، نقل الكناني في الحيدة، وابن القيم في الإعلام: الإجماع على أن المراد بالرد إلى الله والرسول هو الرد للكتاب والسنة.
وللشافعي في جماع العلم: ” كيف السبيل لك إلى تأدية فرض الله بطاعة رسوله إلا بالخبر عن رسول الله ﷺ “.
والخبر عن رسول الله هو: السنة.
وأما الوجه الثاني وهو إثبات صحة هذا الفهم، فمن وجوه:
- أولًا: لأن علماء المسلمين أجمعوا عليه، والإجماع حجة في ذاته.
ثانيًا: سياق الآيات يبين ذلك، فالله عز وجل يقول: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، إذًا فالرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته ﷺ.
وكذلك سياق العموم في الآيات: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } وهذا السياق فيه تحذير من مخالفة أي أمر لرسول الله.
وكذلك قوله تعالى: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم }.
هذه كلها آيات تدل على العموم، والأخذ بعمومها هو مقتضى السياق.
ثالثًا: أن هذه الآيات نزلت عامة، فالقرآن عام خوطب به جميع المسلمين، فمن يقول أن هذه الآيات خاصة بزمن أصحاب رسول الله فعليه أن يأتيَ بالدليل.
وإلا فنحن إذا قلنا بأن هذه الآيات عامة لكل زمان ومكان – فهذا هو الأصل، ومن يخالف الأصل بدعوى التخصيص فعليه الدليل.
وبما أنَّهُ قد ثبتت عمومية الخطاب، فلا سبيل لنا إلى امتثال أمر الله بطاعة رسوله إلا بالخبر عن رسول الله، كما قال الشافعي رحمه الله.